التاريخي والروائي.. في «ثلاثية غرناطة» لـ رضوى عاشور
الأطروحة التي حملت عنوان (التاريخي والروائي.. في ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور)، نالت عنها الباحثة (بسمة علي رجب) درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف، وأوضحت أن هذه الدراسة تهدف إلى استكشاف التجليات المتعدّدة للعالمين؛ التاريخي (الواقعي)، والروائي (المتخيل) في (ثلاثية غرناطة) لرضوى عاشور. وذلك من حيث اختيار الزمن، ودلالاته، وإسقاطات أحداث الماضي على الحاضر المَعِيش، مع إبراز أهم التقنيات السردية التي لجأت إليها الكاتبة في التعامل مع المادة التاريخية، ومحاولة الربط بين العالمين؛ الواقعي والخيالي في ضوء نظرية العوالم الممكنة.
وللوصول إلى هذا، بنيت الدراسة على تمهيد، وأربعة فصول؛ وجاء التمهيد عن رضوى عاشور وعالمها الإبداعي وموقع الثلاثية منه، وحمل الفصل الأول عنوان (المبدع والزمنان: الروائي والتاريخي)، وانقسم هذا الفصل إلى مبحثين؛ الأول (الزمن الروائي وقضاياه، وموقع الثلاثية فيه)، والثاني (الزمن التاريخي وقضاياه، والعلاقة بين كل من الزمن الروائي والزمن التاريخي).
وكان عنوان الفصل الثاني (بين التاريخ والرواية) وتناول الرواية التاريخية وسماتها الفنية، واستلهام تاريخ غرناطة في العمل الروائي.
فيما حمل الفصل الثالث عنوان (ثلاثية غرناطة بين الحقيقة والخيال) وانقسم إلى مبحثين؛ الأول (الوقائع بين العالمين الخيالي والواقعي، والعلاقة بينهما)، ودار الثاني حول التناص مع الألوان التراثية في هذه الثلاثية.
بينما جاء الفصل الرابع بعنوان (سرد الرواية، وسرد التاريخ)، وانقسم إلى مبحثين؛ الأول (تقنيات السرد الروائي، في ثلاثية غرناطة)، والثاني (العلاقات المتنوعة بين سرد الرواية وسرد التاريخ).
وقد نهضت هذه الدراسة على الأجزاء الثلاثة لهذه الثلاثية: «غرناطة»، و«مريمة»، و«الرحيل»، وهذه الروايات الثلاث ارتبطت بالفترة الزمنية الممتدة فيما بين عامي: (1609 -1491م).
وذلك منذ لحظة تسليم آخِرِ ممالك غرناطة، حتى قرار فيليب الثالث بطرد الموريسكيين لتطهير البلاد منهم.
وتشير الباحثة إلى ندرة وجود الكتب العربية التي تتناول سقوط غرناطة بشكل محايد، وما تلاها من تاريخ الموريسكيين الأليم.
واعتنت الدراسة ببيان العلاقة الإشكالية بين الرواية والتاريخ، من حيث طبيعة كل منهما وخصوصيته، والعلاقة الإشكالية بين الصدق الفني والصدق التاريخي، وأيُّهما أصدق، وأيُّهما يمكن الاعتماد عليه كمرجع.
وكان هدف الباحثة استكشاف التقنيات التي يستخدمها الروائي للانتقال من العالم التاريخي إلى العالم المتخيل، وبيان مدى استطاعة (رضوى عاشور)، من خلال (ثلاثية غرناطة») أن تُعبِّر عن العوالم الممكنة، وكذلك البحث عن الوقائع بين العالمين، الخيالي والواقعي، ومعرفة كيف يتجلى العالم الواقعي في بِنْيَة العالم المتخيَّل، ورصد أشكال العلاقة بينهما، وتوضيح خصوصية الزمن الروائي، والزمن التاريخي، وتحديد العلاقة بينهما، واستجلاء العلاقات المتنوعة بين سرد الرواية وسرد التاريخ، واستكشاف الطرائق التي يستطيع خلالها الكاتب التعبير عن الماضي، والحاضر، واستشراف المستقبل، وتقصِّي الروابط بين الزمن التاريخي القديم المستدعَى، وزمن الكتابة عنه.
ومن اللافت للانتباه إشارة صاحبة الأطروحة إلى جهود عدد من الأساتذة السابقين عليها في المضي على هذا الدرب، ومنهم الدكتور (السيد فضل) صاحب أطروحة (الرواية التاريخية في الأدب المصري الحديث): دراسة نقدية، وهي رسالته لنيل درجة الماجستير من جامعة القاهرة، كلية دار العلوم، قسم البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن في عام (1978م).
وفيها تناول التقاليد، التي تحكم التشكيل الفني للرواية التاريخية، وتتبعها منذ بدايتها على يد (السير والتر سكوت)، الذي يعد من مؤسسي هذا الاتجاه. وجاءت الدراسة من أربعة فصول؛ جاء الأول منها عن (التوازن في البنية الروائية)، والثاني عن (بناء الشخصية التاريخية)، وتناول الثالث (بناء الشخصية غير التاريخية)، وجاء الرابع عن (الرؤية التاريخية).
وتتوقف صاحبة هذه الأطروحة الأحدث أيضاً، أمام دراسة الباحث (محمود عبدالمجيد أحمد شريف)، التي عنوانها (الرواية التاريخية وتطورها في الأدب العربي الحديث في مصر، فيما بين عامي (1891- 1939م)، وقد نال عنها درجة الماجستير من جامعة القاهرة، كلية الآداب، قسم اللغة العربية عام (1969م).
وفيها ركز على الرواية التاريخية وتطورها؛ بداية من نشأتها إلى نضجها، وجاءت الدراسة في بابين؛ الأول عن (دور النشأة 1891-1914م)، متناولاً المؤثرات في دور النشأة، وخصائص الرواية التاريخية فيها، وبناء الرواية، وأعلام الرواية التاريخية خلالها. فيما تناول الباب الثاني بدايات النضج (1939-1915م)، وقدم تحليلاً مفصلاً لنماذج من الرواية التاريخية مثل: «ابنة المملوك»، و«باب القصر»، و«عبث الأقدار».
ولا تفوتها الإشارة، إلى أطروحة (معاذ بشير عبدالعزيز المناصير) عن «الخطاب النقدي في الرواية العربية.. الروايات الثلاثية نموذجاً»، التي نال عنها درجة الدكتوراه من الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا، قسم اللغة العربية عام (2009م)، وهي التي اعتمدت على المنهج الاجتماعي في تحليل الخطاب النقدي الروائي، ودراسة العلاقة بين الإبداع الأدبي ومختلف التراكيب والأنماط الاجتماعية، فقُسمت إلى ثلاثة فصول؛ عُنون الأول منها بـ (الخطاب
النقدي الروائي)، أما الثاني فجاء بعنوان (مضامين الخطاب النقدي الروائي في الرواية العربية)، وتناول فيه الثلاثية عند كل من: صنع الله إبراهيم، وأحلام مستغانمي، وأحمد إبراهيم الفقيه، ورضوى عاشور.
ومن الدراسات التي تشير إليها أيضاً (بلاغة السرد في ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور)، التي نالت بها الباحثة (شيماء السيد محمد الطوخي) درجة الماجستير من جامعة عين شمس، كلية التربية، قسم اللغة العربية عام (2016م)، وقد اعتمدت فيها على المنهج الفني مع الاستفادة من معطيات المنهج الأسلوبي عبر استخدام مفاهيم من السرديات لتحليل الخطاب الروائي المتمثل في الزمان، والمكان، والشخصيات. وانقسمت الدراسة إلى بابين؛ جاء الأول عن (بلاغة الفضاء الروائي في ثلاثية غرناطة)، وتناول أماكن الإقامة الجبرية والاختيارية، وأماكن الانتقال العامة والخاصة. أما الباب الثاني (بلاغة السرد في رسم الشخصيات في ثلاثية غرناطة) فركز على الشخصيات الرئيسية المرحلية منها والممتدة، والآخر، والشخصيات الثانوية الطارئة، ورسم شخصية المستعمر.
وكذلك أشارت الباحثة إلى دراسة (فيصل دراج) التي عنوانها (الرواية وتأويل التاريخ، نظرية الرواية والرواية العربية) الصادرة عن المركز الثقافي العربي بالدار البيضاء، وقد ركز فيها على علمي التاريخ والرواية؛ حيث يستنطق الأول الماضي، ويتماس الثاني بالحاضر ويوازيه؛ وصولاً للعبرة. فالإنسان يكتشف ذاته أثناء التنقيب في الماضي، لذلك أكد (درَّاج) العلاقة الوثيقة بين التاريخ والعمل الإبداعي بكل أشكاله وأنواعه.
مصطفى عبدالله
مجلة الشارقة